اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
باب بدء الوحي من صحيح البخاري
51320 مشاهدة
الأنبياء جميعا ذوو نَسَب في أقوامهم

...............................................................................


فلما ذكر أنه ذو نسب قال له هرقل: كذلك الأنبياء تُبْعَثُ في أنساب قومها؛ يعني اختار الله تعالى من الأنبياء مَنْ يكون شريفًا في قومه، ومن يكون له مكانة ورفعة، ومنزلة رفيعة. فهكذا بعث الله تعالى نوحًا في وسط قومه، وكذلك هود وصالح وشعيب وإبراهيم ولوط ونحوهم، كل منهم كان من أشراف قومه، ومن أشهرهم، فكذلك نبينا صلى الله عليه وسلم اختاره الله تعالى، وهو من أفضل قومه، ومن أشهرهم، ومن أشرفهم، ومن أصدقهم، كانوا يسمونه الأمين، فله مكانة، وله منزلة في قَوْمِهِ كسائر الأنبياء.
ولا شك أن هذه الميزة تُكْسِبُهُ فضلًا، وإن كان صلى الله عليه وسلم قد أخبر بأن الشرف هو التقوى، وأن شرف الدنيا وشهرتها وسمعتها لا تُقَرِّبُ عند الله، وإنما الذي ينفع الإنسان عَمَلُهُ؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ وكذلك كان صلى الله عليه وسلم ينهى عن الافتخار بالآباء الذين ماتوا، ويقول: ألا ينتهين أقوام عن فخرهم بآبائهم الذين ماتوا إنما هم فَحْمٌ من فَحْمِ جَهَنَّمَ ويقول: إن الفخر إنما هو مؤمن تقي، أو فاجر شقي، الناس كلهم بنو آدم، وآدم من تراب وهكذا كانوا. إنما يفخر الإنسان بأفعاله، لا بأفعال آبائه وأسلافه فإنها لا تنفعه.
وبكل حال، فإن هذا مما يَخْتَارُه الله تعالى أنْ يُبْعَثَ النبي من أشراف قومه، حتى يكون له مكانة، ولا يستطيعوا أن يجحدوه، وأن يجحدوا فضله، وأن يزدروه ويحتقروه، ولهذا بعثه الله ولو كان فقيرًا كما في قول الله تعالى: وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى كان فقيرًا، وكان يتيمًا، ولكن مع ذلك اختاره الله تعالى وفَضَّلَهُ، وكذلك ذكر الله قول المشركين: لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ يقترحون أن يكون الذي أُنْزِلَ عليه القرآن من أشرف الناس، لا يكون هذا اليتيم وهذا الفقير، ولكنَّ الله تعالى يَمُنُّ على مَنْ يشاء من عباده، كما أخبر بذلك لما أن المشركين قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا يقولونه لرسلهم، فقال رسلهم: إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فهذا فضل الله، وهذه مِنَّتُهُ على العرب عندما بعث منهم هذا النبي.